يحرص الجزائريون كباقي المسلمين خلال شهر رمضان، على تحضير أشهى المأكولات الخاصة بهذا الشهر الفضيل والتي قد تكون في بعض الأحيان أساسية على مائدة الإفطار، من بين هذه الأطباق نجد “البوراك ” الذي يعتبر من الأطباق التي لا يمكن الاستغناء عنها ليستحق بذلك لقب مدلل المائدة الرمضانية.
البوراك الجزائري: زينة المائدة الرمضانية
يعتبر “البوراك” من أكثر المأكولات شهرة في الجزائر، فلا يمكن أن تستغني عنه العائلات الجزائرية خلال هذا الشهر الفضيل، إذ يقدم كمقبلة رفقة “الشوربة” أو “الحريرة”. وإذا سألت اي جزائري عن أكلاته المضلة فأول ما يتبادر إلى ذهنه هو البوراك. لذا كان لابد من البحث وراء هذه الأكلة الغنية لمعرفة ما هو أصلها؟ هل هو جزائري أم عثماني..
وتقدم العائلة الجزائرية سواء في شرق أو في غرب وشمال البلاد أو جنوبها، “البوراك” كطبق مُقبّلات مع “شوربة الفريك” و”الحريرة” فيما تتكون أكلة “البوراك” من الديول، وهي رقائق عجينة من السميد شفافة يتم حشوها بالدجاج أو اللحم المفروم أو البطاطا والجبن أو التونة..وغيرها.
ويحرص الجزائريون على أن لا يغيب البوراك عن موائدهم في الشهر الفضيل، حتى أن هناك من يعتقد أنه جزائري خالص ، لكن الحقيقة ليست كذلك. فما قصته؟
البوراك الجزائري منفتح على كل الثقافات !
والبوراك في الجزائر حسب فوزي سعد الله، منفتح على من يرغب في إثرائه بلمسات تكيفه مع الأذواق والعادات الغذائية لمختلف الحواضر والبلدات والأرياف، فهو في العاصمة، محشو أساسا باللَّحم المفروم المتوبل وبالبقدونس أو حتى بلحم الدجاج. وفي مدينة عَنَّابَة، في شمال شرق البلاد، يفسح في جوف البوراك اللّحم المفروم المتوبَل، مضطرا، هامشا غير ثانوي، بل معتبرا، للبطاطا المعجونة تكيفا مع الذوق المحلي وإلا لخاطر بفقدان شرعية الانتماء لهويته العنَابية، يقول سعد الله.
طالع أيضا: المطبخ الجزائري الأول عربيا وإفريقيا لعام 2022
ويعتبر البوراك من أكثر الأكلات شهرة في الجزائر، فلا يمكن أن تستغني عنه عائلة في رمضان، وتقدمه كطبق من أطباق المقبلات رفقة الطبق الرئيسي. وعند التطرق للأكلات التقليدية التي يفضلها الجزائريون في شهر رمضان؛ فإن أكلة البوراك تُعد زينة المائدة، حتى أنّها أكلة إلزامية عند الكثير من العائلات، ولا يمكن لها أن تفارق الطبق الرئيسي “الشوربة” بمختلف أنواعها مثل “شوربة الفريك” وغيرها.
أصل البوراك الجزائري ومن أين جاء؟
وبخصوص أصل البوراك ومن أين جاء هذا اللفظ؟ وسط تساؤلات كثيرة حول أصله هل هو جزائري أم تركي أم فارسي، يعود أصل البوراك الجزائري إلى الوجود العثماني في الجزائر ما بين سنة “1509 و1830 ” تحت مسمى”börek ” ، وهي كلمة تركية يقصد بها الفطيرة، وقد توارث الجزائريون هذه الوجبة مع السنين وأضافوا إليها لمستهم الخاصة.
البوراك الذي يعرف في الجزائر، والذي اشتققنا منه في بلادنا وفي دول الجوار المغاربي شبيها ينحدر من سلالته يعرف بـ : “البْرِيكْ”، المربع أو المستطيل الشكل عادة، هو، دون أدنى شك وباستثناء بعض التفاصيل واللمسات المحلية، نفسه البوراك (Börek) التركي ـ على غرار (Sigara Böreği)،(سِيجارة بوراتشِي) أو (Kalem Böreği) أو (قلَم بوراتشِي) ، والمُحضَر بالعجين المورّق أو غير المورق. وله عشرات بل مئات النسخ التي لا تتباين إلى في التفاصيل الطفيفة في بلاد البلقان وشرق ووسط أوروبا حتى أرمينيا وجورجيا وليتوانيا وأوكرانيا وروسيا…
وحسب كتاب “الغذاء والوليمة في روما القديمة” للكاتب لبارتيك فاس، يقال إن البوراك هي عائلة من المعجنات أو المخبوزات المكونة من عجينة رفيعة تعرف باسم يوفقا “yufka”، كما ذكر أن أصل الأكلة من منطقة الأناضول بتركيا.
أما الباحث في التراث الجزائري فوزي سعد الله فيرى أنّ البُورَاك في الجزائر، بمختلف أنواعه وأشكاله، أُكْلَةٌ شعبية محبوبة منذ قرون، وبقي متصدرا مائدة الإفطار في رمضان، يضاف إليه البوراك العَنَّابِي المتوراث منذ عقود مكانة هامة في فن الطبخ بمدينة عنابة التي تسكنها جالية هامة من الحَضَر المنحدرين من العثمانيين منذ القرنيْن 16م و17م مثل عائلة بن الخَمَّار.
كما تذكر العديد من المراجع المتخصصة في الطبخ أن أكلة “البوراك” التقليدية، كما ينطق باللهجة الجزائرية، أصلها عثماني، لكن أصل التسمية من اللغة العربية وهي “براق” أو “برق” والتي تعني اللمعان أو الضوء الناعم.