بعد التضييق الذي شهده قطاع الاستيراد في الجزائر في ظل التطبيق الحرفي لقرار منع الاستيراد، بهدف إنعاش المنتوج المحلي ومنع نزيف العملة الصعبة نحو الخارج، خرج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أخيرا لينفي وضع قيود مطلقة على الاستيراد، الأمر الذي استدعى بعدها إعادة تحديد المواد التي يمكن استيرادها دون الإضرار بالاقتصاد الوطني.
أداء الحكومة يُغضب رئيس الجمهورية
كانت وكالة الأنباء الجزائرية قد كشفت قبل أن الرئيس تبون غاضب بسبب وتيرة معالجة الحكومة للعديد من الملفات، والقرارات التي تسببت في إحداث الكثير من الاختلالات والارتباك على يوميات المواطنين وحتى المتعاملين الاقتصاديين وهو ما أثار حفيظة الرئيس .
كما ذكرت الوكالة أنّ رئيس الجمهورية أرد من قراراته خاصة المتعلقة بالاستيراد، فرض تطهير القطاع لوضع حد لظاهرة تضخيم الفواتير التي تعد مصدرا لتهريب مبالغ معتبرة من العملة الصعبة تقدر بملايير الدولارات، وهو ما سمح إلى الآن بالكشف وحذف عدد معتبر من المستوردين المعنيين بهذه الظاهرة، حيث انخفض عددهم من 43.000 مستورد إلى 14.096 مقيدين بالسجل التجاري.
الرئيس تبون ينفي منع الاستيراد
ورغم أن إجراءات تقليص الاستيراد التي تنتهجها السلطات تستهدف إنعاش المنتوج المحلي ومنع نزيف العملة الصعبة نحو الخارج، إلا أن التطبيق المطلق لهذا القرار خلّف تضييقا كبيرا في السوق الوطنية مع تسجيل ندرة في الكثير من المواد وهو ما خلّف ارتفاعا كبيرا في الأسعار ما أضر بالقدرة الشرائية.
طالع أيضا: الرئيس تبون غاضب من أداء الحكومة ويؤكد أنه لم يأمر بمنع الاستيراد
وبالنظر إلى المعطيات السابقة، خرج رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بعد اجتماع مجلس الوزراء الأخير وحواره مع الصحافة الوطنية للتأكيد على ضرورة أن لا يكون تقييد الاستيراد على حساب توفير الحاجيات اليومية للمواطن الجزائري، وإنما بوضع حد للفوضى، أي بمعنى منع استيراد المواد التي لا يحتاجها المواطن”.
قرار منع الاستيراد لا يشمل كل المواد
وعلى ضوء ما سبق، كشف عضو الجمعية الوطنية للمصدرين ومستشار التجارة الخارجية، علي باي ناصري، أن قرار منع الاستيراد الذي أقرته السلطات قبل سنتين لتقليص فاتورة الواردات وإنعاش الإنتاج المحلي، رغم مساهمته في القضاء على المستوردين الوهميين، وتطهير السجل التجاري، إلا أنه لا يشمل اليوم كل المواد.
وأوضح علي باي ناصري في تصريح لـ ” الشروق” ، أن القرار يستثني السلع الأساسية التي لم تحقّق الجزائر فيها الاكتفاء الذاتي بعد، وهو ما احتوته ضمنيا تصريحات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال مجلس الوزراء الأخير، حينما ألح على ضرورة أن يستثني المنع المواد التي تحتاجها السوق الوطنية ولا تتوفر محليا.
هذه قائمة المواد التي يمكن استيرادها
وتشمل قائمة هذه المواد بالدرجة الأولى الأدوية والمنتجات الصيدلانية التي تعد أكثر من ضرورية في ظل عدم تحقيق اكتفاء ذاتي لحد الساعة، وأيضا المنتجات الفلاحية والغذائية واسعة الاستهلاك غير المتوفرة في الأسواق المحلية، والمدخلات الصناعية والمواد الأولية الموجهة للإنتاج على غرار الخشب.
طالع أيضا: استيراد السيارات: منح 27 رخصة وهذا الموعد الرسمي لدخول أول سيارة جديدة للجزائر
بالإضافة إلى ما سبق نجد حسب ذات المصدر، السيارات حيث أمر الرئيس بفتح استيراد هذه المركبات لاسيما الجرارات والسيارات النفعية الموجهة لنشاط الاستثمار وحتى السيارات السياحية، وهو ما تضمنه دفتر الشروط الصادر شهر نوفمبر الماضي.
مطالب بتمكين المستوردين من دخول عالم الإنتاج
ويقول خبير التجارة الخارجية إنهم كمتعاملين في المجال قدّموا مقترحات وحلول للسلطات العليا لتمكين هؤلاء المستوردين من ولوج عالم الإنتاج لاكتسابهم خبرة واسعة في المنتجات التي تخصّصوا باستيرادها، وربطوا علاقات مهمة مع المنتجين وأصحاب العلامات في الخارج، وهو يجب استغلاله للشروع في التصنيع محليا.
كما طالب المتحدّث السلطات بتوفير التسهيلات اللازمة لهؤلاء المستوردين، والتنسيق بين القطاعات الوزارية، ومنحهم مهلة زمنية محدّدة لولوج عالم الإنتاج، وهو ما يمكن أن يساهم في تقليص الاستيراد وترقية المنتوج الوطني وتوفيره في السوق وخلق مناصب عمل جديدة، ومستقبلا التصدير للخارج.