ربما يعتقد البعض ممن يختارون السفر بالطائرة أنه يمكن فتح بابها أثناء تحليقها في الجو، لكن الحقيقة أن هذا الأمر يشبه المستحيل لعدة أسباب، تفسرها الحسابات الفيزيائية للضغط الجوي خارج الطائرة. ويُشكل فتح باب الطائرة أثناء الرحلات الجوية على ارتفاعات عالية كابوسا مخيفا للمسافرين، كاد أن يصبح حقيقة في حوادث سابقة، فماذا سيحصل حقا لو حدث الأمر بالفعل؟.
السفر بالطائرة: آليات تشغيل البوابة
أول شيء يجب مراعاته أثناء السفر بالطائرة هو أن الأبواب مقفلة ميكانيكيا في النهاية، يتم إغلاق المقابض الكبيرة على الأبواب من قبل طاقم المقصورة. ويغلق طاقم المقصورة أبواب الطائرة بمجرد صعود جميع الركاب، ولكن هناك خطوة أخيرة قبل أن يتم تأمين المقصورة بالكامل عندما تقوم المضيفات بإجراء فحص أخير للتأكد من غلق الباب.
وبمجرد أن تُحلق الطائرة في الجو، لا يمكن فتح أبواب الطائرة المضغوطة. سواء بالنسبة للطيارين والمضيفات أوالركاب. وهذا بسبب بسيط هو أن الضغط الداخلي لا يسمح بذلك وإلا كانت النتائج كارثية.
وضغط المقصورة يكون قويا للغاية، بحيث لا يمكن لأي شخص فتحها على ارتفاع معين، ليزداد خطر فعل ذلك بشكل مضطرد مع ارتفاع الطائرة .
السفر بالطائرة: حوادث حقيقة
في حادثة فريدة من نوعها، قامت إحدى المسافرات على متن خطوط “جيت ستار” بمحاولة فتح باب الطائرة خلال رحلة بين مدينة سيدني وجزيرة أفالون. وقد تمكن طاقم الطائرة حينذاك من الإمساك بيد السيدة وردعها، وألقي القبض عليها عندما هبطت الطائرة.
وفي حادثة أخرى عام 2005 تحطمت طائرة من طراز بوينغ 737 تُشغلها شركة “Helios” وقُتل طاقمها وجميع ركابها البالغ عددهم 121 راكبا (أكبر كارثة جوية في التاريخ اليوناني)، بسبب حدوث تسرب تدريجي للضغط في قمرة القيادة ونقص في الأكسجين على ارتفاع 9 آلاف متر في الجو.
السفر بالطائرة: هذا ما يحدث بفتح الباب أثناء الطيران
في مثل هذه الحالات ينبغي أن تسقط من سقف الطائرة أقنعة الأكسجين لتزويد الركاب بما يكفي من الأكسجين لعدة دقائق، ذلك أن نقص الأكسجين يمكن أن يُحدث مضاعفات سريعة تؤدي إلى الاختناق وضعف الرؤية ثم الموت لاحقا.
أما حدوث انخفاض مفاجئ لمستوى الضغط الداخلي كما في حالة فتح باب الطائرة، فسيؤدي إلى سحب أي شخص يقف بالقرب من الباب فوراً ليطير في الجو، وستنخفض درجة حرارة المقصورة بسرعة كبيرة لتصل إلى حد الصقيع، وقد تبدأ الطائرة بالتفكك.
طالع أيضا: ماهي إيجابيات وسلبيات مهنة مضيفة طيران ؟
وليس أدل على ذلك مما حدث في عام 1988، عندما انطلقت رحلة الخطوط الجوية “ألوها” باتجاه هونولولو وعلى متنها 90 راكبا، وكانت الطائرة من طراز بوينغ 737 تحلق على ارتفاع 7300 متر، عندما بدأ قسم صغير من السقف بالتمزق.
ونتج عن هذا التمزق حدوث انخفاض خطير في الضغط الداخلي أدى إلى تمزق جزء أكبر فأكبر في سقف الطائرة، تسبب بدوره في سحب المضيفة الجوية Clarabelle Lansing، التي انتزِعت من مقعدها الموجود في الجزء المقابل للتمزق انتزاعا إلى خارج الطائرة، ولحسن الحظ أن جميع الركاب الآخرين كانوا مثبتين بالأحزمة وتمكن الطيار من الهبوط بعد 13 دقيقة متجنبا حدوث خسائر كبيرة في الأرواح.
وقد سُجلت عشرات الأمثلة الأخرى على حالات “الانفجار الناتجة عن انخفاض الضغط”، وفي كثير من الأحيان لم تنته هذه الحوادث بشكل جيد.
السفر بالطائرة: لهذا لا يجب فتح الباب
يذكر أن من المستحيل فتح باب الطائرة في أثناء الرحلة. ويوضح الطيار باتريك سميث، مؤلف كتاب “Cockpit Confidential” حول السفر جوا قائلا: “الضغط داخل المقصورة لن يسمح بفتح باب الطائرة باعتباره يُفتح إلى الداخل. وفي الارتفاع النموذجي للطائرة، يؤثر الضغط الذي يصل إلى 3,64 كغ على كل بوصة مربعة داخل المقصورة الرئيسية، وهذا يعني أن الضغط الداخلي على كل قدم مربع من الباب يقدر بأكثر من 500 كغ من الهواء الضاغط، وهو ما يجعل فتح الباب من الداخل أمرا مستحيلا”.
وأضاف سميث قائلا: “يتم أيضا تأمين الأبواب بواسطة سلسلة مزالج كهربائية وميكانيكية، ما يجعل الامر مستحيلا حتى على الأشخاص الخارقي القوة”.
وبالرغم من ذلك، فقد وقعت حادثة واحدة على الأقل من هذا النوع في عام 1971، عندما قام “دان كوبر” باختطاف طائرة من طراز بوينغ 727 وطلب فدية حينذاك تبلغ 200 ألف دولار، وقفز فيما بعد من الباب الخلفي للطائرة بواسطة مظلة واختفى عن الأنظار.
ويذكر أن المختطف أجبر الطيار آنذاك على تخفيض الضغط داخل الطيارة من أجل فتح باب الطائرة الخلفي. بعد ذلك بدأت عمليات تثبيت “أجهزة كوبر” (“Cooper vanes”) لمنع حدوث حالات مماثلة من أجل فتح باب الطائرة.